تتميز فترة الطفولة المبكرة بالتطور السريع، وفيها يتغير الطفل باستمرار لتظهر في كل فترة قدرة جديدة أو تحدي جديد. الكثير من الصعوبات والتحديات تختفي مع الوقت، مع تطور جهاز الأعصاب المركزي والدماغ، ومع بذل جهد كبير للأهل في تطوير واحتواء الطفل. على الرغم من اختفاء العديد من التحديات والصعوبات مع الوقت، التدخل العلاجي المبكر ضروري جداً. لا يمكننا أن نتأكد أن الصعوبات ستختفي فعلاً، وعلينا أن نعطي الطفل كل ما هو ممكن لكي نضمن ذلك.

المرحلة الأولى في بداية أي علاج هي التقييم والتشخيص. هذا المقال سوف يصف هذه المرحلة وأساسياتها، ليعطي فكرة عامة عن الموضوع.

في اللقاء التشخيصي الأول يجري بشكل عام استدعاء والدي الطفل. اللقاءات اللاحقة تتخلل جلسات الملاحظة (Observations) للطفل مع والديه/عائلته ودمج معلومات من الحضانة او الروضة.

التقييم، التشخيص وصياغة الحالة

التقييم (Assessment) يتم بعد جمع المعلومات من خلال مراجعة السجلات، الحصول على التاريخ الطبي والنمائي، وتعبئة استمارات منظمة.

التشخيص (Diagnosis) هو تحديد وتصنيف اضطرابات معينة . تُفهم عوارض الطفل الصغير في سياق علاقاته، البيولوجيا والوراثة، الشبكة الاجتماعية والحالة التنموية. يُعطى التشخيص مع الأخذ بعين الاعتبار جيل الطفل، واتخاذ الحذر والحيطة من التسرع في اعطاء تشخيص شمولي وطويل الأمد قد يتسبب بوصم الطفل والتأثير على مجرى حياته.

الهدف من العملية التشخيصية هو تقييم الطفل وتصنيف الاضطرابات. الغرض الأساسي من تصنيف الاضطرابات هو مساعدة المهنيين – بما في ذلك الأطباء والباحثين وصانعي سياسات العلاج – في التواصل بوضوح حول وصف المتلازمات. علم تصنيف الاضطرابات يسمح للأطباء بربط ملاحظاتهم بالمعرفة بشأن المسببات المرضية (Etiology)، طريقة تطور الاضطراب (Pathogenesis) والتوقعات بالنسبة للعلاج. استخدام لغة مشتركة في نظام التصنيف والتشخيص يسهل ربط مقدمي الخدمات العلاجية، وبالتالي يمكن أن تساعد في بناء أنظمة مناسبة لرعاية الصحة النفسية.

يظهر غالباً التشخيص في التقرير العلاجي على شكل كود يلحقه إسم الحالة، مثل:

F93.0 Separation Anxiety Disorder of Childhood

الصياغة (Formulation) هي توجيه خطة علاجية عن طريق تسليط الضوء على عوامل الخطر والعوامل الوقائية، تحديد العوامل القابلة للتعديل وأولويات العوامل والعوارض السريرية القابلة للعلاج.

تقييم وتشخيص الأطفال النفسي

هل من السهل تشخيص الطفل في الطفولة المبكرة؟

التشخيص في الطفولة المبكرة ليس بالأمر السهل، لسببين:

١. بالنسبة للطبيب/ المعالج المتمرس، عملية التقييم هي عملية مستمرة ولا يمكن بناء تشخيص على أساس “لقطة” واحدة فيها ظهرت الأعراض، ولكن تُجمع معلومات حول سلوك الرضيع/ الطفل الصغير بأوقات مختلفة لفهم جوانب متعددة من العوارض بالإضافة إلى الاختلافات في التكيف والنمو التي تظهر في مناسبات مختلفة وفي سياقات مختلفة.

٢. تُظهر الأبحاث أن الاعتلال المشترك (وجود أكثر من اضطراب في آن واحد) عند الرضع/الأطفال الصغار ليس فقط ممكنًا، بل إنه شائع. علاوة على ذلك ، كما هو الحال مع الأطفال الأكبر سناً والمراهقين، فإن الأطفال الصغار الذين يعانون من اضطرابين أو أكثر يكونون أكثر عرضة للإصابة بصعوبات في أداء وظائفهم مقارنةً بالأطفال الصغار الذين يعانون من اضطراب واحد فقط.

في مناقشة الصياغة التشخيصية فيما يتعلق بالرضع / الأطفال الصغار ، هناك ملاحظتان رئيسيتان:

١. جميع الأطفال الرضع/ الصغار لديهم تطورهم التنموي الخاص ويظهرون فروقاً فرديةً في أنماطهم الحركية والحسية واللغوية والمعرفية والتفاعلية.

٢. جميع الرضع /الأطفال الصغار مشاركون فعالون في العلاقات الأُسرية. عادة ما تكون العلاقات الأكثر أهمية هي تلك الموجودة داخل الأسرة. الأسر ، بدورها ، تشارك في العلاقات داخل مجتمعاتهم وثقافاتهم مما يؤثر بشكل غير مباشر على الطفل. يجب أن يستند أي برنامج تدخل أو علاج قدر الإمكان إلى فهم كامل للطفل الصغير وعلاقاته.

مرحلة التشخيص والتقييم هي مرحلة بالغة الأهمية في بداية أي علاج في الطفولة المبكرة. يجب التأكد من الحصول على فهم شامل وكامل للطفل، من أجل بناء خطة علاجية تناسبه.

بسمة سعد

أخصائية نفسية علاجية