على الرغم من أنّ القلق والاكتئاب وحالات نفسية كثيرة أخرى تصنف كأمراض نفسية ذات أساس عضوي ووراثي، علم النفس الوجودي يرى القلق والأزمات الاكتئابية اليومية (التي لا تُعد بالضرورة اضطراب) بنظرة أخرى أكثر “طبيعية”.
الإنسان القلق والمكتئب هو إنسان لا زال يشعر ويهتم، ولا زال يريد الأفضل. ألمه هو الدلالة على أنه لا زال حيّاً من ناحية نفسيّة ، ولم يدخل مرحلة السكون والاستسلام للفراغ واللا-وجود .
حسب علم النفس الوجودي القلق هو حالة بشريّة عامّة، وميزة من مميزات النفس البشرية التي تظهر حين تكون للشخص قدراتٌ غيرُ مُحقّقة في جميع مجالات حياته كالعلاقات والعمل والوالدية والدراسة وغيرهم.
القلق هو مُنبّه هدفُهُ إيقاظ الشّخص وتنبيهه على مرور الوقت ووجوب استيقاظه وتحمّل مسؤولية ذاته وحياته ليتطوّر إلى ما يستطيع ويجب أن يكونه.
القلق والاكتئاب وحالات نفسية كثيرة أخرى ليست بالضرورة اضطراب نفسي بمعناه الطبي وليست نتيجة ضعف أو فشل، بل هي نتيجة ظلم الإنسان لنفسه ولقدراته ولحياته. الشخص غير المتصالح مع ماضيه والذي ترك أموراً عالقة فيه، قلقه ينبّهه على أنّه يتوجّب عليه السّعي للصلح والتحرّر من أثقال ماض ٍتمنعه من عيش حاضره. أمّا الشخص القلق من عمله، قلقه ينبّهه على أنه يستطيع أن يقوم بأكثر ممّا يقوم به حالياً ، وأنّ الشّعور بالهدف والمعنى والإنتاج هي أمور لا بدّ أن يسعى إليها كي يكون شخصاً غير مبذّر لقدراته التي قد تأتي بالخير والحياة الأفضل له ولغيره.
شخصٌ يقلق ويهتمّ ويكتئب ويتألّم هو شخص لا زال حيّاً . فلنحترم أنفسنا ومشاعرنا، و لِنُصْغِ لذواتنا ولغيرنا، ولنتكلم مع من يصغي لنا. السبب لما نشعر به موجود بالداخل، وهو على الأغلب يتعلّق بقلقنا من مغادرة هذه الحياة دون عيشها بحقّ.
بسمة سعد
أخصائية نفسية علاجية
مقال مفيد
شكرا
إعجابإعجاب