بين جدران غرفة العلاج النفسي أسمع من الصدق والحقيقة ما لا أسمعه في الحياة العادية. حين لا يحتاج الشخص آلية النفاق ويتحرر منها فهو يستطيع الكلام عما يتواجد فعلا في أعماق نفسه، وهو يشارك بأكثر أحداث حياته حميمية وسرية.
بين هذه الجدران أسمع حكايات النساء، ومن ضمنها حكايات “الليلة الأولى” للزواج.
ما يثير الدهشة هو أن الليلة الأولى مع الحبيب/ة التي تعتبر قمة سعادة الإنسان في حياته، توصف في أحيان كثيرة مع إحساس كبير من الألم والخجل وخيبة الأمل. بعد سنين طويلة من مشاهدته البورنو والمتعة المثالية، وسنين طويلة من أحلامها عن ليلة من اللذة ترضي فيها حبيبها، يأتي الواقع ليترك كليهما مع دهشة كبيرة ليس من جمال تلك الليلة، بل من فشلها مقارنة بالتوقعات…
إحداهما قالت لي “ظننت أن الأمر سيستمر كل الليل، وليس دقائق سريعة”…
إحداهما قالت “لم أعلم أن الأمر مؤلم، لم أتوقع أن أشعر بالغرابة لهذه الدرجة”…
إحداهما قالت “شعرت أنني خيبت ظنه، لم أكن كما توقع، رأيت هذا في ملامحه وهدوءه”…
يصور لنا المجتمع والميديا العلاقة الجنسية الأولى بين حبيبين على أنها مثالية، وأنها قمة الشعف والمتعة. لبعض المحظوظين هي كذلك بالفعل، وهم سيجدون هذا الكلام غريبا. لكن كوقاية لمن لم تكن ليلته مثالية، يجب الكلام عن الجزء الآخر من الواقع، المخفي والذي لا يجرؤ الكثيرين على كشفه.
على أي حبيبين أن يعلموا أن علاقة جنسية فاشلة أول مرة لا تعني الفشل الدائم. كأي أمر آخر هي تحتاج التعليم والتدريب من أجل الإتقان. لكي تتواجد إمكانية التعليم والتدريب يجب أن تكون العلاقة بشكل عام مبنية وقوية، لأن هذا ما يتيح مكانا للصبر والتعاطف والتشجيع المشترك. بشكل عام علم النفس لا ينصح بممارسة علاقة جنسية دون أن يكون علاقة حب وحميمية بين الشخصين، على أمل أن تتيح هذه العلاقة إمكانية إصلاح الفشل الجنسي الأولي.
كثير من العلاقات تنهار بسبب “الليلة الأولى” التي فشلت في أن تكون بمستوى التوقعات. وكثير من العلاقات تفشل لأن الحبيبين غير مدركين لحقيقة أن فشلهم الجنسي في بداية العلاقة هو أمر إنساني وطبيعي، وفكرة الفشل التي ترافقهم تحقنهم بمشاعر سلبية تسبب ضررا لحميميتهم وعلاقتهم بشكل عام.
بسبب التكتم على الموضوع، خصوصا في المجتمعات الشرقية، أرى أنه من المهم جدا الكلام عنه وتوضيح الواقع. خصوصا في الموضوع الجنسي قليلون فقط من يتجرأون على الكلام عن فشلهم الأولي في الجنس، وهذا ما يبقي الأغلبية مع إحساس بالخجل والغضب (من أنفسهم أو من الشريك/ة)، ظنا منهم أن هذا حصل معهم فقط.
بسمة سعد
أخصائية نفسية
روعه
إعجابإعجاب