كل شخص نقابله في حياتنا يترك نموذجا مصغرا عنه في داخلنا. والدانا، أخوتنا، معلمينا، أصدقائنا، أحبائنا، كل من بقي وكل من غادر، ترك نموذجا مصغرا عنه يعيش حياة خاصة فيه في أعماقنا. ومع كل كيان مصغر من هؤلاء لنا علاقة خاصة لا تنتهي بغياب الشخص من واقعنا. منهم من يعيشون بسلام في الداخل، نشعر بوجودهم في الذكريات اللطيفة التي تترك ابتسامة على وجوهنا. هم مواطنين صالحين، لا يثيرون المشاكل أو الشغب، وذلك بعكس هؤلاء الذين يصمون آذاننا بصراخهم، وبالمظاهرات اليومية التي تطالبنا بالنظر إليهم. أحيانا هم يدعوننا لمحاكمة، نكون فيها الجناة أو المجني عليهم، ويصرون على إنهاء قضية قديمة والتصالح مع ذواتنا أو معهم. بعد كل محاكمة كهذه يتحرر النموذج المصغر من غضبه أو لومه، لينضم للمواطنين الصالحين ويساهم ببناء ذلك العالم الداخلي الذي يتواجد دائما قيد التشييد. لكن إلى أن يحين موعد المحاكمة والمصالحة، سوف نستمر بسماع أصوات مدوية، تنبهنا لوجود قضية تحتاج البت فيها.
كل شخص فينا يحتوي عالما قيد التطوير بداخله مليء بالدراما والقضايا العالقة. في هذا العالم المفاهيم الزمنية غير ثابتة ويختلط فيها الماضي بالحاضر، لنعيش في كل لحظة بعدين زمنيين متوازيين، هما”الآن” و”ما كان”.
بسمة سعد
أخصائية نفسية علاجية
للمزيد من مقالات علم النفس إقرأوا باقي مواضيع المدونة وتابعوني في صفحة الفيسبوك.
نعم .. كلّ منّا لديه قضايا عالقة في داخله ، و هذه القضايا تتحوّل إلى علقات شرهة تمتصّ وقتاً طويلاً من صاحبها ، فينشغل بها و تولّد لديه توتّراً و اضطرابات تؤثر على مُجمل حياته ، لذا على الإنسان ألا يسمح لهذه القضايا أن تبقى معلّقة و تستنزف منه كل هذا الوقت و الانشغال .. عليه أن يوجد حلولاً حاسمة و مريحة . قد تكون هذه الحلول قاسية في البداية لكنها ستكون شافية في المستقبل .
إعجابإعجاب