في عمر السبع سنوات كان يركض في أرجاء المنزل دون توقف، مثيرا لغضب والديه حين يكسر أواني الزهور. لم يستطع التركيز في دروسه وقضی نهاره في اثارة غضب معلميه وضرب زملاءه. عالجوه بإعطائه دواءا لفرط الحركة. لكن لم يعلم أحد ان تلك الحركة كانت هروبه من الخوف والقلق والألم الذين لم يكفوا عن غزو افكاره اذا ما جلس هادئا.
لم تكن قادرة علی البقاء بدون علاقة عاطفية مع رجل. واذا ما كانت في علاقة كانت تظهر تعلقية مفرطة بحبيبها، غير متيحة له أي مجال للاستقلالية. واذا انتهت العلاقة، دخلت بسرعة لعلاقة جديدة مع رجل جديد. تعرضت للوم الشديد من المجتمع واتهمت بأنها انتقائية وترفض الالتزام. لم يفهم أحد انها غير قادرة علی البقاء لوحدها لأنها حينها سوف تقابل الفراغ والحزن اللذين في داخلها.
كانت عجوز في السبعين من عمرها تسكن وحدها. قضت نهارها وليلها أمام التلفزيون المشغل بصوت يصم الآذان. عبر جيرانها عن امتعاضهم وأخذها اولادها لفحوصات السمع. لكن لم يعلم أحد أنها بدون التلفزيون وصوته العالي صوت تواجه اصوات اللوم والخوف، خصوصا الخوف من النهاية التي اقتربت.
عاد من عمله الساعة السادسة مساءا، وبعد عشاء قصير مع عائلته أمسك هاتفه وسافر الی عالمه الإفتراضي الخاص. لامته زوجته علی أهماله لها ولأطفالهم، لكنها لم تعلم أنه إن ترك هاتفه سوف يضطر أن ينظر في عينيها ويتألم بشدة حين يفسر ما يری فيهما علی أنه فشله كزوج وأب.
أنه الهروب من “الواقع الداخلي” المؤلم، الذي أطلقت عليه المدرسة الكلاينية في علم النفس التحليلي إسم “الدفاعات النفسية الإنفعالية” (manic defenses ).
للمزيد من المقالات في علم النفس تابعوني في صفحة الفيسبوك.
بسمة
أخصائية نفسية
و هكذا نفسّر تصرفاتهم على هوانا ، و نلومهم دون أن نعلم أنّ هذه التصرفات هي بشكل أو بآخر اتهامات لنا بالتقصير في حقّ الحبيب و الزوجة و الأخت و الصديق و الطفل .
شكراً للتحليل الرائع .
إعجابإعجاب