كان طفلا صغيرا…
كان يقف امام جبروت ذلك العملاق الهائج مبتسما، شاعرا بالرذاذ البارد يملأ وجهه الصغير. لكنه لم يكن يخافه، حتی في اسوأ لحظات غضبه، حين كان يضرب القوارب ويعصف بكل من يجرؤ الاقتراب منه. كان يعتبر البحر صديقه وملجأه حين ترتفع اصوات الغضب في بيته. فغضب البحر لم يكن يخيفه كغضب الانسان، لانه علم انه يوجه غضبه فقط نحو من تجرأ علی الاعتداء علی حرمته، أما الانسان فرآه يوجه غضبه نحو كل بريء وضعه القدر أمامه… هو شعر أن البحر مهما غضب فهو يبقی مليئا بالحياة والخير، لكنه قل ما رأی الحياة والخير في داخل الانسان…
ركض بسرعة علی الرمال المبللة تاركا آثار قدميه الصغيرتين، ناظرا بين الحين والاخر خلفه ليری كيف سيمحو البحر تلك الآثار بأمواجه… كانت تلك لعبته مع البحر، اللعبة التي تضحكه وتشعره بالاهتمام. في تلك اللحظات كان يسمع صوت البحر عاليا كأنه يقول له “أنت موجود! والدلالة علی كيانك هي آثار قدميك علی رمالي، ومهما حاولوا محي تلك الآثار سوف تطبعها مجددا ومجددا”…
مستلقيا علی رمال البحر المبللة والشمس تدفئ وجهه وتلونه بلون الذهب، لم يعد ذلك الطفل الفقير والوحيد…
في تلك اللحظات أصبح تابعا لمملكة الحياة التي لم ولن يقدر ظلم الانسان علی تهديدها او تدميرها…
بسمة
متخصصة في علم النفس العلاجي
مناقشة
لا توجد تعليقات حتى الآن.