حين يتحد الإنسان الحر مع أترابه بواسطة مصير العذاب المشترك، الذي هو الرابط الأقوى من كل الروابط الاخرى، يجد أن رؤية جديدة ترافقه دائما وتغطي كل المهام اليومية بضوء الحب. حياة الإنسان هي مسيرة طويلة خلال الليل لا احد يمكنه ان يبقى طويلا فيها، يحيط بنا فيها خصوم غير مرئيين، ونتعرض اثناءها للتعذيب على يد التعب والألم، من أجل تحقيق هدف قلة يمكنهم أن يأملوا في الوصول إليه. واحدا تلو الآخر، أثناء تقدمهم، يختفي رفاقنا من أمام ناظرنا، بعد أن استولت عليهم أوامر صامتة من الموت القاهر. قليل جدا هو الوقت الذي يمكننا مساعدتهم به، والذي يقرر سعادتهم أو بؤسهم. لنكن نحن الذين من نسلط أشعة الشمس على طريقهم، لنخفف أحزانهم بواسطة بلسم التعاطف، ولنمنحهم الفرح النقي الناتج من المودة التي لا تنضب أبدا، ولنقوي عزمهم، ولنغرس بهم الأمل في ساعات اليأس. دعونا لا نزن في ميزان حاقد مزاياهم وعيوبهم، بل دعونا نفكر فقط في حاجاتهم – من الأحزان، والصعوبات، وربما ضعف الرؤية الذي يسبب البؤس في حياتهم. دعونا نتذكر أنهم زملائنا في المعاناة جراء نفس الظلام، وفعالين مثلنا تماما في انشاء نفس المأساة. وهكذا، عندما يكون يومهم قد انتهى، وعندما يصبح خيرهم وشرهم ابديا بفعل خلود الماضي، سوف يمكننا ان نشعر بأنه حين واجهوا المعاناة والفشل، لم يكن ذلك بسبب شيء نحن قمنا به. ولكن حينما أشعلت في قلوبهم شرارة من النار المقدسة ، كنا هناك على أهبة الاستعداد، مع التشجيع، والتعاطف، والكلمات الباسلة التي أوقدت فيهم شجاعة عالية.
-برتراند راسل، “عبادة انسان حر”.
قمت بترجمة المقطع من:
Bertrand Russell, “A Free Man’s Worship” (originally “The Free Man’s Worship,” December, 1903).
مناقشة
لا توجد تعليقات حتى الآن.