هذا المقطع ترجمته من رواية “أناقة قنفذ” (The Elegance of the Hedgehog) للكاتبة ميورل باربيري.
المقطع من أفكار بالوما زوس إبنة ال-12 ربيعاً، التي تعيش وحدة ونقص عاطفي وتنوي الإنتحار في عيد مولدها ال-13. تتوالى الأحداث لتتعرف بالوما على شخصيتين تقومان بتغيير فهمها ونظرتها للحياة.
” شيء واحد لا أفهمه: كيف ذلك أن الأطفال يصدقون حديث البالغين ، وعندما يصبحون هم أنفسهم بالغين، فإنهم ينتقمون انتقامهم عن طريق خداع أطفالهم بفكرة “الحياة لها معنى والكبار يعرفونها بالفعل” . الكذبة العالمية التي يتوجب على الجميع تصديقها. وعندما نكبر وندرك أن هذا ليس صحيحا، يكون ذلك بعد فوات الاوان. يكون الغموض لا يزال موجوداً، ولكن تم إهدار كل الطاقة الحرة والوقت على أنشطة سخيفة. ما يحصل بعد ذلك أنه ليس هناك خيار سوى أن تخدر نفسك قدر الإمكان في محاولة لإخفاء نفسك من حقيقة أن الإنسان لا يمكنه العثور على أي منطق في حياته وانه يخدع باستمرار أولاده لكي يكون من الأسهل عليه إقناع نفسه.”
” معارف عائلتي ذهبوا جميعا في نفس الطريق: في شبابهم حاولوا الاستفادة القصوى من ذكاءهم، عصروا مثل الليمون وريد الذهب المسمى “التعليم العالي” وضمنوا النخبة في وضعهم الاجتماعي. بعد ذلك، امضوا عمرهم يتساءلون في ذهول كيف حصل بأن أدت هذه الآمال لحياة بلا قيمة لهذا الحد. الناس يعتقدون انهم يحاولون الوصول للنجوم، وفي النهاية يكتشفون أنهم أسماك ذهبية في حوض . أنا أتساءل عما إذا كان من الأسهل تعليم الأطفال منذ البداية أنه لا يوجد أي منطق في الحياة. على الرغم من أن هذا قد يخرب بعض اللحظات الجميلة في الطفولة، لكنه سيوفر الكثير من الوقت في مرحلة البلوغ، ناهيك عن أنه سيمنع على الأقل صدمة واحده – صدمة حوض الأسماك.”
” هل يبدو لكم منطقياً أن أربعة أشخاص يعيشون في شقة تتكون من أربعمائة متر مربع في حين أن آخرين كثر، بما في ذلك شعراء ملعونون، لا يملكون مسكناً مقبولاً وهم يزدحمون خمسة عشرة شخصاً في شقة تتكون من عشرين متر مربع؟ عندما سمعنا الصيف الماضي خبر الأفارقة الذين توفوا بسبب حريق في منطقة السلالم في بناء سكنهم، الذي لم يكن صالح للسكن، خطرت لي فكرة. هؤلاء الناس هم الأسماك في الحوض، لكنهم على الأقل يرون ذلك في كل وقت أمام أعينهم، لذلك هم لا يستطيعون الهرب بعيدا عن ذلك وسرد قصصهم لأنفسهم. ولكن والدي يعتقدون أنهم يسبحون في المحيط، لأنهم يعيشون في 400 متر مربع مليئة بالأثاث واللوحات.”
بعد هذا الوعي الكبير لسطحية المجتمع وانعدام العدل وكثرة النفاق، هل سوف تجد بالوما ما يعطي حياتها معنى ويقنعها بالاستمرار في الحياة؟ الاجابة موجودة في الرواية الجميلة التي صُورت لاحقا في فيلم ممتع.
بسمة سعد
أخصائية نفسية علاجية
مناقشة
لا توجد تعليقات حتى الآن.